همس الروح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلامى ثقافي اجتماعى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دمعه وفاء
Admin
دمعه وفاء


عدد المساهمات : 487
تاريخ التسجيل : 05/04/2013
العمر : 44

الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان  Empty
مُساهمةموضوع: الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان    الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان  Emptyالثلاثاء أبريل 09, 2013 5:56 pm






الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان


المصدر:
ديوان الأهرام




بقلم:


شريف الصباح





الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان  Getsubpic




كرم زهدى فى قضية اغتيال السادات







<table> <tr> <td>
</td><td>
</td></tr> </table>





أخيرا
فعلها المصريون وثاروا على القهر والفساد والطغيان، ثاروا فأجابوا على
أصعب الأسئلة «لماذا لا يثور المصريون، وماذا ينتظرون؟» ثار المصريون
مطالبين (بالعيش الحرية والعدالة اجتماعية)، ولم يحلموا بإزاحة نظام أمنى
بوليسى لا يسمح بفكرة العصيان أن تجول بعقل مواطن، انقلب المصريون أخيرا
على حاكمهم بعد ثلاثين عاما عاشوها كما النيل بعد السد العالى فى هدوء
ووداعة، حتى هدر النيل بفيضانه وكأن السد لم يبن مطيحا بكل ما أمامه من
بقايا نظام شاخ وتعفن وجمد دماء التغيير فى شرايين الوطن. وكما أن لكل ثورة
خسائر فلها أيضا مكاسب، فإن كان الوطن قد خسر من خيرة شبابه المئات من
الشهداء والجرحى فالمكسب إزاحة غمة استمرت لثلاثة عقود.
ولكن بلغة
المكسب هناك كثيرون حققوا مكاسب لم يدر بخلدهم أن تتحقق، ويعتبرونها
المستحيل الرابع، وأول الرابحين كان التيار الإسلامى بجميع أجنحته، والذين
عانوا من لعبة السياسة مع الحكم العسكرى منذ عام 1954 وحتى نشوب ثورة
يناير، وإن كانت العلاقة بين الفرعون الأخير والإسلاميين قد تأرجحت بين
الصعود والهبوط، فهى تارة علاقة دافئة وحميمة، تنقلب فجأة ويطمرها جليد
صلد. إلى أن تم خلع مبارك وفتحت السجون والمعتقلات أبوابها ليخرج منها
معتقلو التيار الإسلامى ليفتحوا أفواههم للمرة الأولى دونما خوف، و بحرية
حلموا بها لما يزيد على ثمانين عاما.
- الأب الشرعى. مدرس ابتدائى
ولرصد
الظاهرة الإسلامية لزام علينا أن نعود بآلة الزمن إلى عام 1906، عندما ولد
الأب الشرعى للإسلام السياسى حسن البنا فى مركز المحمودية بمديرية
البحيرة، وكان أبوه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا المأذون والساعاتى.
وقد
تأثر الطفل حسن بالنشأة الدينية إضافة لشخصيته القيادية التى كان يتصف بها
مما أهله لتولى رئاسة (جمعية الأخلاق الأدبية) فى المرحلة الابتدائية.
وخارج أسوار المدرسة ألف جمعية (منع المحرمات) التى كانت ترسل رسائل لهداية
من يأتى بأى أفعال مؤثمة شرعا.
وإثر التحاقه بمدرسة المعلمين بمدينة
دمنهور أسس جمعية ( الحصافية الخيرية) والتى أسماها بهذا الاسم نسبة للشيخ
عبد الوهاب الحصافى شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية وصديق والده، والذى كان
له من الأثر أعظمه على زرع التصوف فى نفس حسن البنا.
ويبدو أن المنهج
التنظيمى قد بات ملازما للبنا حتى بعدما التحق بمدرسة دار العلوم العليا
بالقاهرة، عندما انضم لجمعية مكارم الأخلاق الإسلامية والتى كانت الوحيدة
من نوعها فى هذا الوقت بمصر.
- المدرس. الزعيم
وتخرج حسن البنا فى
مدرسة دار العلوم عام 1927 ليسافر للإسماعيلية كى يتسلم عمله الجديد كمدرس
بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية، وبدأ فى تكوين بعض الصداقات مع
غيره من الشباب، حيث اصطفى ستة منهم كى يؤسسوا معا التنظيم الجديد وهم:
(حافظ عبدالحميد، أحمد الحصرى، فؤاد إبراهيم، عبدالرحمن حسب الله، إسماعيل
عز، ذكى المغربى) ليظهر التنظيم الجديد تحت اسم (جماعة الإخوان المسلمين)
فى مارس 1928.
وبدأت الجماعة فى طور التشكل إثر التكوين حيث بدأت
كوادرها الأولى فى الدعوة للانضمام بين أوساط الشباب، حتى أن من بين من
تأثروا بأفكارهم الزعيم الراحل أنور السادات الذى أعلن فى كتابه (البحث عن
الذات) أنه تصور أن الجماعة كان هدفها الأوحد الإصلاح الدينى والخلقى، إلا
انه اندهش عندما القى الشيخ حسن البنا درسا على جنود وضباط الوحدة العسكرية
التابع لها السادات بمناسبة المولد النبوى الشريف عام 1940، وفوجئ إن
البنا فى حديثه ناقش الدين والدنيا معا، وإن البنا مؤهل للزعامة لعلمه
وبساطته فى معاملة الناس ودماثة خلقه، إضافة لمصريته الصميمة. ويعترف
السادات بأنه فاتح البنا فى تأسيس تنظيم عسكرى يسعى لقلب نظام الحكم
الملكي، إلا أن رد البنا كان (يكفى فقط أن نتعاون). ليداوم السادات فيما
بعد على حضور دروس حسن البنا ويعلن فيما بعد إنه (وهو رئيس لمصر) افتتن
بثلاث شخصيات أثرت فيه وأسهمت فى تكوينه النفسى والسياسى وهم حسن البنا،
عزيز المصرى، أحمد حسين مؤسس حزب مصر الفتاة، وثلاثتهم آمنوا بالدولة
الإسلامية وإقليمية مصر.
وقد حاول البنا فى بدايات التكوين أن يكتسب
صيغة شرعية لوجوده وجماعته فقرر أن يخوض غمار الحياة البرلمانية، فترشح عن
دائرة الدرب الأحمر حيث كان يقطن فى حى المغربلين إلا انه لم يفز فى عدة
جولات.
إلا إن ما عوض البنا كان انضمام الكثير من الشباب لجماعته، حتى
أحست التيارات السياسية الليبرالية بالخطر من منافس جديد يسحب البساط من
تحت أقدامهم بخوض غمار الحياة السياسية، فكانت بداية حرب سياسية مابين
جماعة الإخوان من جهة والوافديين والسعديين اللذين بدءا الحرب بنقل حسن
البنا إلى مدينة قنا عام 1941 حيث كان وقتها لا يزال مدرسا بوزارة المعارف
العمومية.
فما كان من الشيخ إلا أن استقال من عمله بالتدريس فى عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة (الشهاب) لسان حال الجماعة وقتها.
- الجيش فى خدمة الجماعة
وظل
نجم حسن البنا يصعد حتى سعى لتكوين فرق الجوالة والتى كانت شبه ميليشيات
عسكرية يقوم على تدريبها بعض من ضباط الجيش المنتسبين للجماعة، وظهرت هذه
الميليشيات إثر تفجر الوضع فى المنطقة بعد صدور قرار تقسيم فلسطين واندلاع
الحرب التى نادى بها فاروق الأول ملك مصر، ليندفع متطوعو الجماعة تحت لواء
القائم مقام أحمد عبدالعزيز والصاغ محمود لبيب عضوى الجماعة، ليخوضوا غمار
حرب مقدسة أبلوا فيها بلاء حسنا، قضى منهم من قضى شهيدا وعاد منهم من عاد
بعد حرب خاسرة كان الفائز فيها اليهود والانجليز.
إلا إن هذه الحرب كانت
علامة فارقة فى تاريخ الجماعة، حيث أظهرت قوتهم الضاربة من الشباب، وكشفت
عن مدى شعبيتهم لدى رجل الشارع قبالة أحزاب ليبرالية بدأت فى الانزواء
وخفوت بريقها.
فكان قرار رئيس الوزراء وقتها محمود فهمى النقراشى باشا
فى 8 ديسمبر 1948 بحل جماعة الإخوان ومصادرة أموالها واعتقال العديد من
أعضائها، أما المرشد فقد صدر القرار بسحب سلاحه المرخص ومصادرة سيارته
الخاصة واعتقال سائقه وفرض الإقامة الجبرية عليه وإلقاء القبض على شقيقيه.
وبدأت
وتيرة الأحداث فى التصاعد حتى أحس البنا بدنو اجله، فأرسل للمسئولين
مكتوبا رسميا يطالب فيه بإعادة سلاحه المرخص، بالإضافة لتعيين حارس مسلح
عليه يقوم هو بأداء راتبه فلم يجبه أحد.
وبعد حل الجماعة بأربعة أيام
كانت الواقعة، حيث تم اغتيال النقراشى باشا على يد شاب يدعى عبدالمجيد أحمد
حسن أحد أعضاء «التنظيم السرى» للجماعة، حيث ارتدى زى ضابط شرطة و دلف
للمصعد الذى يستقله النقراشى، وأدى له التحية ثم أخرج مسدسا أطلق منه ثلاث
رصاصات استقرت فى جسد النقراشى، ليخرج الشيخ البنا بتصريحه المشهور عن
الفاعل ( ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين) ليتبرأ تماما من عبدالمجيد.
وقد استند أعضاء النظام الخاص للعديد من الأسباب التى تؤيد (إهدار) دم النقراشى فى نقاط أبرزها:
1- تسليم قيادة الجيش المصرى إبان حرب 1948 لجلوب باشا (الصهيونى الانجليزى).
2- دخول الجيش المصرى أرض فلسطين دونما خطة عسكرية محددة.
3- موافقة مصر على الهدنتين الأولى والثانية مما أعطى اليهود ميزة إعادة التسلح بسلاح متطور.
4- تغيير الخطة من احتلال تل أبيب لعدة أهداف تسبق المدينة مما أدى لتشتت الجهد المصري.
5- اعتقال عدد من أعضاء الجماعة كانوا ضمن المقاتلين دونما سبب.
6- تسليح الجيش المصرى ببقايا السلاح الانجليزى الفاسد المتهالك.
و
كما كانت هذه الأسباب هى أساس الفتوى الشرعية لاغتيال محمود فهمى النقراشى
باشا رئيس الوزراء، كانت هى السبب أيضا لاغتيال حسن البنا أمام مقر جمعية
الشبان المسلمين فى 12 فبراير 1949، فى عملية أشارت شهادات الشهود لضلوع
الحكومة السعدية فيها بمباركة القصر الملكى، واشتراك ضباط الداخلية الذين
أثبتت التحقيقات ضلوعهم، بعد التعرف على سيارة مدير مباحث العاصمة التى
كانوا يستقلونها .
- ثوار و إخوان
ولم تمر أعوام ثلاثة حتى قامت حركة
الجيش المباركة فى يوليو 1952، وسبق قيام هذه الحركة أو الثورة العديد من
الترتيبات، وكان من أهمها استعانة الضباط الأحرار بالقوى والتيارات
السياسية البعيدة عن الأحزاب التى رأى ثوار الجيش أنها قد انحرفت وصارت
أوكارا للمنتفعين، فانفتحت بالتالى أبواب الحوار مابين الأحرار والفصيل
الأقوى وقتها، ألا وهو الإخوان.
ووصل الأمر إلى إن انضم عدد من الأحرار
للجماعة، بل وتخطوا ذلك إلى الانضمام للتنظيم السرى للجماعة وأقسموا يمين
الولاء للسندى على المصحف والمسدس، مما يعنى أن الطرفين هتكا ستر السرية
بينهما، فالكيان أصبح واحدا فى مرحلة ما قبل الثورة. إلا إن المرشد الثانى
للإخوان المستشار الراحل حسن الهضيبى كان له رأى آخر، فكان كل ما يفكر فيه
علانية الجماعة وتطبيق الشريعة الإسلامية، شريطة أن تقف جماعته على الحياد،
فلا هى تؤيد الملك ولا العسكر، وإذا ما شارك أحد الضباط المنتمين للجماعة
فهو يشارك بالصفة الشخصية . وفعلا نجح الانقلاب (الثورة) وكانت الجماعة أول
المؤيدين حتى إن الكثير من الصور الفوتوغرافية للمرشد وأعضاء مكتبه قد
التقطت بصحبة جمال عبدالناصر والرئيس محمد نجيب، ويظهر فيه، القطب الإخوانى
عبدالقادر عودة!
وبدأ شهر العسل فى الانزواء بعد ما بدأت مطالبات
الجماعة باستحقاقاتها والتى أهمها تطبيق الشريعة وعلانية الجماعة، وقطعا
كان هذا هو الشرط الوحيد لدعم الجماعة للضباط الأحرار.
ولما زادت
المطالبات على حدها بعد استتباب الأمر لعبدالناصر كرئيس لمصر كان لزاما
تدبير سبب للتخلص من الإلحاح المتكرر، فتم الإعداد لقصة محاولة اغتيال ناصر
فى ميدان المنشية بالإسكندرية، لتصبح ذريعة للقضاء على الإخوان فى عام
1954،واستتبع ذلك إلقاء القبض على سبعة من كوادر الجماعة على رأسهم المرشد
المستشار حسن الهضيبي، محمود عبداللطيف، يوسف طلعت (بطل حرب فلسطين)،
إبراهيم الطيب، هنداوى دوير، محمد فرغلى و(للغرابة) عبدالقادر عودة هذا
بالإضافة للعديد من الكوادر.
وبدأت حملة الاعتقالات ثم التحقيق فى 9-
11- 1954 لتحال القضية للمحكمة العسكرية (محكمة الشعب) برئاسة جمال سالم
وعضوية حسين الشافعى وأنور السادات، ليصدر الحكم فى 4 - 12- 1954 بإعدام
السبعة السابقين وتخفيف الحكم على الهضيبى إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، أما
بقية المتهمين فتراوحت الأحكام ما بين السجن لعشر سنوات والأشغال الشاقة
المؤبدة.
كانت هذه هى المحنة الأولى الحقيقية التى واجهت الجماعة والتى خسرت فيها زعامات مثل عبد القادر عودة.
- ورحل الزعيم
ولم
تهدأ هذه الموجة الهادرة حتى لحقتها الثانية فى 1965، عندما تم إلقاء
القبض على آلاف من أعضاء الجماعة وتم التحقيق معهم بتهمة محاولة إحياء
تنظيم الإخوان فى الفترة من 59 إلى 1965، وتغيير الدستور وقلب نظام الحكم
واغتيال رئيس الجمهورية وإحراز أسلحة ومتفجرات إلى أخره من التهم التى تكفى
الواحدة منها لتطبيق حكم الإعدام بحق مرتكبها. وكان أمراً طبيعياً أن تحال
القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا، ولكن غير الطبيعى أن يترأس هيئة
المحكمة الفريق أول محمد فؤاد الدجوى الذى كان من المعروف مسبقاً نوعية
الأحكام التى سيصدرها. و تم تقسيم المتهمين إلى أربع مجموعات لضخامة عددهم،
لتصدر المحكمة حكمها فى
22 -8- 1966 بالإعدام بحق سبعة منهم على رأسهم
المفكر والأديب سيد قطب، وتراوحت الأحكام بين المؤبد والسجن لثلاث سنوات،
ولم ينل البراءة إلا ثلاثة من المتهمين.
وتمر سنوات السجن الخمس سريعاً، ليبدأ إخوان الداخل والخارج فى التقاط أنفاسهم وتحديداً يوم 28 -9 -1970 عندما أعلن نبأ وفاة الزعيم
عبدالناصر.
ومع مجيء خليفته الرئيس السادات تنفس معتقلو الإخوان الصعداء، إذ بدأت
الاتصالات ما بين الطرفين لإعادة الود بينهما، ليس حباً فى الأخوان وإنما
لاستخدام الجماعة كمخلب قط للقضاء على بقايا العهد الناصرى، فأمر الرئيس
السادات بخروج جميع التيارات الإسلامية من المعتقلات على دفعات بدءا من عام
1971.
وفيما بعد فى الثامن من يوليو 1975 أصدر الرئيس قرارا جمهوريا
بالعفو الشامل عن المعتقلين، وإن كان هذا القرار محموداً وله من الأثر
أعظمه، فإنه لم يدرس الاتجاهات الفكرية التى آل إليها المعتقلون بعد سنوات
طويلة من القهر والتعذيب أفرزت الكثير من التطرف الفكرى المصحوب بعنف لم
يعتده الشعب المصرى.
- مسلسل الدم والنار
بدأت سيمفونية الدم التى
عزفتها التيارات الإسلامية مبكراً حتى أن أولى عملياتها - للغرابة - كانت
فى 18 -4 - 1974 ، وهى العملية المشهورة بإسم (عملية الفنية العسكرية).
وهذه العملية جاءت بعد نحو خمسة أشهر من نصر أكتوبر 1973 الذى رفع من اسم
مصر والسادات إلى عنان السماء، لكن مخططها وإن كان لا يحمل الجنسية المصرية
فإنه قد ثبت انتماؤه لجماعة الإخوان.
والمخطط كان الدكتور صالح سرية
الفلسطينى الذى يحمل الجنسية العراقية ويعمل فى وظيفة باحث علمى. وتاريخه
يقول إنه انتمى لـ(حزب جبهة العمل الإسلامي) والذى يعتبر فرع جماعة الإخوان
لدى الأردن، كما انضم لجبهة التحرير الوطنى الفلسطينية.
أما عن العملية
فقد بدأت بفكرة لسرية بتأسيس تنظيم أصولى تحت اسم (شباب محمد) يقترب فى
أسلوبه من (حزب التحرير الإسلامى) الذى أسسه «تقى الدين النبهانى
«الفلسطينى عام 1950، فالتنظيمان يريان أن الهدف ليس مقاومة المحتل أو
العدو، وإنما الاستيلاء على الحكم بالقوة وفرض الشريعة الإسلامية على
المجتمع الجاهلى، هذا بالإضافة للتشابه فى الأسلوب التنظيمى من حيث سرية
الخلايا، فالأعضاء لا يعرفون بعضهم البعض. وقد بدأ صالح سرية بتجنيد
الكوادر الشابة فى القاهرة والإسكندرية، منتقيا إياهم من الذين يتسمون
بالتهور والاندفاع والطاعة العمياء للقيادة وذلك من خلال زياراته للجامعات
فى الإقليمين، هذا بالإضافة لتجنيده خلية فى الكلية الفنية العسكرية يقوم
على إمارتها الطالب كارم الأناضولى.
وبدأ سرية فى التخطيط لعملية تهدف
لاقتحام الكلية الفنية وسرقة السلاح من المخازن، ثم تتوجه فرقة من أتباعه
لقاعة اللجنة المركزية للإتحاد الاشتراكى حيث كان السادات حاضرا المؤتمر -
ليقوموا باعتقال الموجودين، ويلقى المقتحمون بيانهم الأول عن وقوع ثورة
مسلحة، على أن يتوجه سرية إلى التليفزيون ليعلن بيانه بإعلان مصر إمارة
إسلامية وأنه أميرها، كما يعلن الأحكام العرفية وحظر التجوال لحين استتباب
الأمور.
وجاء يوم التنفيذ فى تمام الواحدة من صباح 18- 4 - 1974 وبدأت
عملية الاقتحام عن طريق قتل حارسى الكلية على الباب الخلفى باستعمال المدى،
ثم استولى المقتحمون على سلاحيهما، ليتجه بعض منهم لمخزن السلاح محاولين
اقتحامه إلا أنم فشلوا ليقظة الجنود القائمين على الحراسة. وتطور الأمر
لاشتباك ما بين الطرفين تبادلا فيه التراشق بالأسلحة النارية والبيضاء مما
أسفر عن مصرع 11شخصا وإصابة 27 آخرين.
وكان من الطبيعى أن يثير صوت
الطلقات هواجس طاقم الأمن بالكلية ويقض مضاجع الطلاب، فبدأ الجميع يندفعون
تجاه صوت التراشق حتى تم إلقاء القبض على المقتحمين.
أما بالنسبة لسرية
فكان منتظراً بميدان العباسية ما ستسفر عنه العملية، ولما سمع أصوات
التراشق أحس بفشل تنظيمه، فأعطى أوامره لمن بقى معه بالانصراف وعاد لمنزله
ليفاجأ فى الصباح التالى برجال مباحث أمن الدولة ينتظرونه فى مكتبه لإلقاء
القبض عليه.
وفى التحقيقات اعترف صالح سرية بأنه اتصل بالقيادات
التاريخية للإخوان وعلى رأسهم المرشد الراحل المستشار حسن الهضيبى والشيخ
محمد الغزالى والداعية زينب الغزالى، إلا أن ثلاثتهم نفوا ما قاله جملة
وتفصيلاً، ومنهم من زاد بأنه لم ير هذا الشخص من قبل.
واستمرت التحقيقات
ونظر القضية حتى قضت المحكمة فى 31-5 - 1975 بإعدام صالح سرية وكارم
الأناضولى والحكم على 29 آخرين بالسجن وبراءة 60 عضوا بالتنظيم. وتم تنفيذ
حكم الإعدام فى 11أكتوبر 1975، وبذلك يسدل الستار على أول عملية إرهابية من
نوعها فى مصر خصوصاً أنها وقعت تحديداً بعد ما يقارب الأشهر الستة من
النصر.
أشكال من. الجهاد
ولكن بعد حملة اعتقالات للعديد من أعضاء حزب
التحرير فإن من نجح فى الهرب أو لم يدرج اسمه ظل يبحث عن تنظيم آخر وكأن
التنظيمات صارت موضة 1974.
فاتجه الشباب للانضمام لتنظيم (الجهاد) الذى
أسسه فى الإسكندرية الدكتور مصطفى يسرى، وظل هذا التنظيم يعمل تحت الأرض فى
تجنيد أعضاء من الشباب طيلة سنوات أربع دون أن يدرى الأمن، حتى بدأوا فى
إثارة الفتنة الطائفية بتخريب عدد من الكنائس فى الإسكندرية، فكانت النهاية
الحتمية إلقاء القبض على سبعين من أعضاء التنظيم منهم زعيمهم فى أواخر عام
1979.
وكأن مسمى تنظيم الجهاد قد فرض على مصر فبعد إلقاء القبض على
جهاد د. يسرى، ظهر تنظيم يحمل الاسم ذاته وللمصادفة كان مؤسسه عضواً
بالجهاد الأول وهو الأردنى محمد سالم الرحال الطالب بجامعة الأزهر.
وكان
أهم أهداف جهاد الرحال الانقلاب العسكرى على نظام الحكم فى مصر، ومن اجل
تحقيق هدفه بدأ فى تجنيد عدد من الشباب كل مهمتهم تجميع معلومات وافية عن
المسئولين فى أجهزة الدولة.
ومن أهم الشباب الذين تم تجنيدهم كان كمال
السعيد حبيب المتخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، الذى أيد فكر
الرحال من حيث تكفير الحاكم الذى لا يحكم بكتاب الله وأيضاً معاونيه لأنهم
موالون لحاكم كافر، وأتفق الاثنان على لزوم تكوين قاعدة للجهاد فى أوساط
القوات المسلحة لأنها ستقود الانقلاب، وفى سبيل ذلك تم تجنيد رائد المدرعات
(عصام الدين القمرى) وعدد من الرقباء والمجندين.
وكانت مهمة قيادة
التنظيم توفير الأسلحة والذخائر والقنابل لتحقيق الهدف، إلا إن المخابرات
الحربية كانت أسبق فى الكشف عن التنظيم عندما ألقت القبض على بعض الضباط
الذين يمتون بصلة صداقة للقمرى الذى أحس بدنو أجله فهرب من الخدمة فى أبريل
1981 حتى تم إلقاء القبض عليه فى 25 أكتوبر - بعد اغتيال الرئيس - أثناء
تأدية الصلاة فى زاوية بإمبابة.
أما سالم الرحال فكان اكتشافه قبلها
بشهور وتم ترحيله خارج البلاد فى يوليو 1981 ليتولى كمال حبيب الإمارة
ويعاونه أحمد رجب سلامة الموظف بالمطار.
وعلى اختلاف المسميات المطلقة
على التنظيمات كانت هناك اختلافات فى الأهداف والرؤى، فمثلاً ظهر تنظيم
جديد عام 1975 يحمل اسم مؤسسه (طه السماوى)، تم إلقاء القبض على أعضائه
بتهمة إحراق مسجد (السيد البدوى) فى طنطا بسبب زيارة المصريين لمقامه
والتبرك به وهو - فى عرف التنظيم- حرام يصل للكفر والوثنية.
من المعتقل إلى عشماوى
المستغرب
فى الأمر أن هذه التنظيمات لم تخرج من عباءة الإخوان المسلمين ولا حتى من
إفرازات المعتقلات، إذ أنها كلها نتاج الانفتاح الدينى الذى مارسه الرئيس
الراحل السادات فى بواكير حكمه بغرض القضاء على الحقبة الناصرية.
لكن
أغرب التنظيمات التى ولدت خلف أسوار المعتقل كان تنظيم (جماعة المسلمين)
الذى أسسه (على عبده إسماعيل) الدارس بالأزهر فى نهاية ستينيات القرن
الماضى، وكان إسماعيل يرى أن تنظيمه (الحبيس) ما هو إلا نواة للمجتمع
الإسلامى، وذلك لن يتم إلا بالعزلة عن المجتمع (الكافر)، فإذا ما شب
التنظيم عن الطوق وتمكن من عنصر القوة وجب عليه الانقضاض على المجتمع
الفاسد وإسقاطه وإقامة المجتمع الإسلامى على دعائم الشريعة.
وبدأ
إسماعيل فى الدعوة لتنظيمه الذى أجتذب جزءا من شباب المعتقلين، إلا أن
الغالبية العظمى من كوادر الإخوان وغيرهم رفضوا هذا الفكر الانعزالى، حتى
إن المرشد العام - الحبيس - حسن الهضيبى تدخل ونظم مراجعات فكرية لأعضاء
التنظيم، ووصل به الأمر إلى أن انفرد بعلى عبده إسماعيل لمحاولة تصحيح
فكره، حتى أن الهضيبى كتب كتابه الشهير(دعاة لا قضاة) إثر لقاء مع إسماعيل،
ومن بعدها تقدم صلاة الجماعة ليقوم بعدما انتهى بخلع جلبابه قائلاُ «إننى
أخلع فكرة التكفير كما أخلع جلبابى هذا»، ليفاجأ الجميع باستجابة كل أعضاء
التنظيم لدعوة أميرهم ليخلعوا جميعاً عباءة التكفير كلهم ما عدا واحد،
حكايته كالتالى: هو شكرى أحمد مصطفى نجل عمدة قرية (أبوخرص) - مركز أبوتيج
التابعة لأسيوط، والذى كان عضواً بجماعة الإخوان المسلمين وألقى القبض عليه
عام 1965 وهو لا يزال طالباً بكلية الزراعة جامعة أسيوط، وذلك عن تهمة
الانتماء لجماعة الأخوان، حيث ظل بمحبسه بسجن طره من 1965 إلى 1971 استمع
فيها لكل التيارات والاتجاهات وكان مؤنسه فى محبسه كتب أبو الأعلى المودودى
وسيد قطب. وقد اتسمت شخصية شكرى مصطفى بالهدوء الحذر وقلة الحديث إضافة
لغلبة الطابع الصعيدى عليه من حيث اعتداده برأيه وعناده الشديد، وقد ظهر
هذا العناد بوضوح عندما تخلى (أميره) على عبده إسماعيل عن فكرة التكفير،
فقد ظل شكرى معتداً برأيه ومدافعاً عنه حتى أنه قضى العامين الآخرين من
سجنه وحيداً منبوذاً منكفئاً على أفكاره حتى تم الإفراج عنه سنة 1971 ضمن
من شملهم الرئيس السادات بعفوه فى إطار صفقته مع الجماعة.
خرج شكرى
مصطفى كالقنبلة الموقوتة بلا مؤقت لا يعرف أحد متى تنفجر، يحمل على عاتقه
أفكارا اعتنقها من أحاديث نبوية لم يتطرق إليها دارس كلها تتحدث عن (أخر
الزمان)، بالإضافة إلى أفكار انعزالية صارت موجهة له مثل:حرمة الخدمة
العسكرية والشرطة والنهى عن التعامل مع الغرباء، ويبقى بالتالى نشاط
اقتصادى واحد غير محرم ألا وهو (الفلاحة). وكان أول أهدافه عندما عاد
لبلدته أسيوط ضم أعضاء لتنظيمه الوليد ليكونوا دعامة دولته المزمعة.
وبدأت
عجلة تجنيد الأعضاء فى الدوران والتى بدأها بنجل شقيقته ماهر عبدالعزيز
بكرى الذى نجح فى أول اختبار عندما ترك دراسته ليلحق بخاله الذى صعده فى
التنظيم حتى صار الرجل الثانى فيه.
وخلال سنوات خمس زاد منتسبو التنظيم
حتى وصل عددهم إلى الخمسة آلاف عضو منهم الأطفال مثل: طه حسن الزينى
(14عاما) ومن يصل عمره إلى السبعين مثل عثمان رفاعى عثمان وفتيات وسيدات
وأسر بأكملها جندهم بنفسه شكرى مصطفى بشكل يجعله متفوقاً على (جوبلز) وزير
دعاية النازى.
وبلغت قوة حجته وإقناعه مداها عندما كان يجند سيدة متزوجة
فيقنعها بأن زواجها باطل لأن زوجها كافر ثم يزوجها لأحد أفراد الجماعة،
ولم تسلم الفتيات الصغيرات من تأثيره حتى أنه زوج ابنة شقيقته ذات الخمسة
عشر عاما بعد أن تركت دراستها وانضمت لخالها.
وكان لزاماً على المنضمين
للتنظيم الالتزام بأولى قواعده ألا وهى (الطاعة العمياء) المتمثلة فى عدم
الاقتراب من قوائم المحرمات لكل من الجنسين.
والمحرمات للعضوات هي:
الموسيقى، الإذاعة، التليفزيون، المسلى الهولندى، الخيار، استخدام الصنبور
فى غسل الملابس والأوانى وأخيراً الأطعمة المستوردة، أما قائمة المحرمات
على الرجال فكانت: الذهاب للمدارس والجامعات، الطعام من خارج الجماعة،
الخدمة فى جهاز الشرطة أو الجيش، قراءة الصحف وأخيراً الصلاة فى المساجد!
ولم
يكتف الأمير بالمحرمات وإنما وضع هيكلاً تنظيمياً للأعضاء دعمه ببطاقات
للرجال فيها تسجيل للبيانات عن العضو من حيث الحالة الاجتماعية بالإضافة
إلى ما يحفظه من القرآن الكريم والحديث الشريف واستيعابه للفقه والسنة
بالإضافة لمقدرته المالية، وأخيراً تقييم شكرى مصطفى للعضو كأمير للجماعة
أو من ينوب عنه.
أما بطاقات النساء فالبيانات كانت تحوى بيانات عن الشكل واللون وأهم الصفات بالإضافة للموقف العائلى.
والملاحظ
أن أعضاء التنظيم على كل مستوياتهم العلمية كانوا يدينون بالطاعة لشكرى
مصطفى ومنهم من يتحدث عنه على أنه صاحب (الدين الجديد) ومنهم من يراه
(المهدى المنتظر)، والغرابة أن منهم من كانوا أطباء ومهندسين وخريجى جامعات
وشبابا أى إنهم من الصعب التأثير عليهم فى الأحوال العادية، إلا أن تأثير
الأمير عليهم كان بالغاً حتى أنه جعل أفراد التنظيم يعيشون أمورهم الحياتية
من واقع أسلوبه التنظيمى الذى وضعه من حيث الزواج، الطلاق، التربية
والتعليم.
- الهيكل المؤسسى للتنظيم
إلا أن الرياح تأتى دوماً بما لا
تشتهى السفن فقد بدأت المعارضة للأمير من بعض أتباعه، وانتهت هذه المعارضة
بالانشقاق والفراق، وأول من بدأ كان طالب الطب بجامعة الإسكندرية محمد
السيد جاد الكريم (أبوالدحداح) ومصطفى عبدالمنعم (الصبروتى) بعد أن اختلفا
فكرياً مع شكرى، إذ ذهب الاثنان لتكفير المجتمع كله حكاماً ومحكومين سواء
سمعوا بالدعوة أم لا، ليؤسسا تنظيم (المعتزلة شعورياً) وأنشق من بعدهما حسن
الهلاوى وبعض أتباعه، وأخيراً رفعت أبو دلال وتابعوه، وللمصادفة أن كل
المنشقين كانوا أعضاء فى جماعة صالح سرية (حزب التحرير الإسلامى) الذين
كانت أهم مبادئهم الانقلاب على نظام الحكم وإقامة دولة الخلافة، وذلك
خلافاً لأفكار شكرى مصطفى الذى كان يرى أنه يجب تأسيس نواة المجتمع
الإسلامى ثم تربية كوادر وصولاً لتأسيس الدولة.
- ولكن الأمير شكرى لم
يتقبل فكرة أن ينشق عنه أحد، لذلك أمر بتحريك ميليشياته فى نوفمبر 1976
لتأديب الهلاوى فى بيته هو وشقيقه. وفى صبيحة اليوم التالى هاجموا منزل
أبودلال وأحمد عرفة مستخدمين فى تأديبهم المطاوى والسيوف.
إلا إن القدر
كان أرحم بالمنشقين، فمع كم الطعنات إلا أنهم قد نجوا ليصبحوا الصيد الثمين
لمباحث أمن الدولة كى يرشدوهم عن الأمير وتنظيمه، وتخرج الحملات الأمنية
لتسفر عن إلقاء القبض على 39 عضوا، وليبدأ سيل الاعترافات الذى لم يتوقعه
أحد.
وبدأت آلة الإعلام فى الدوران ضد الجماعة وأفكارها، وكان من ضمن
مناقشى هذا الفكر المنحرف الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف السابق
والذى صار اسمه مقروناً بشكرى مصطفى إثر اختطاف الجماعة للذهبى فجر 3 يولية
1977 من منزله بحلوان، لتتخذه الجماعة كرهينة لتنفيذ المطالب ألا وهي:
الإفراج عن أعضاء الجماعة المعتقلين والعفو عمن حكم عليهم فى قضايا سابقة،
ودفع فدية مائتى ألف جنيه بأوراق نقدية تم تداولها وغير مسلسلة الأرقام،
هذا إضافة لنشر كتاب (الخلافة) الذى كتبه شكرى فى الصحف اليومية، وكان هناك
مطلب آخر غريب ألا وهو تشكيل لجنة تقصى للحقائق لتقييم نشاط كل من مباحث
ومحكمة أمن الدولة وكذا المدعى العام الاشتراكى، على أن يذاع البيان فى
نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءً ونشرة التاسعة بالتليفزيون والنشر فى
الجرائد اليومية الثلاث صبيحة 4 -7 - 1977
وكان الطرف المفاوض ما بين
الأجهزة الأمنية والجماعة محاميها شوكت التونى، وقد أفرزت المفاوضات
الإفراج عن أحد أفراد الجماعة لتولى مهام الوساطة مقابل مد المهلة الممنوحة
للأمن.
وتعثرت المفاوضات حتى يئس التونى وأضطر لأن يسافر للولايات
المتحدة وخصوصاً أن أجهزة الأمن أحست أن الوزير الشيخ قد اغتيل وأن المطلوب
العثور على جثمانه.
إلى أن بدأ الصراع المحموم، ونزل رجال الشرطة
للشوارع لمراقبة ومداهمة الشقق المفروشة حتى اقتحموا شقة بمنطقة الهرم
ليعثروا فيها على بداية الصيد الثمين ألا وهو عضوان بالجماعة لديهما
بندقيتان آليتان وألف طلقة حية، وأثناء التفتيش حضر ثالثهما والذى حاول
ابتلاع وريقة معه تم استخراجها من فمه تبين أنها رسالة مفادها نقل جثمان
الشيخ من فيلا مفروشة بالهرم على عربة (كارو) ثم غمرها فى النشادر وإلقاؤها
فى مصرف.
وتمت مداهمة الفيلا ليجد رجال الأمن جثمان الشيخ مسجى على
سرير وسط دمائه وعينيه معصوبتين ومصابا بطلقتين فى الرأس إحداهما خرجت من
عينه اليسرى، وتبدأ التحقيقات المحمومة لتكشف عن أن القاتل هو مصطفى
عبدالمقصود غازى وأن ضابط الشرطة السابق أحمد طارق
عبدالعليم هو من
اختطف الذهبى لتخرج الجرائد فيما بعد معلنة قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات
المسلحة محمد أنور السادات بتحويل القضية للقضاء العسكرى الذى قضى فيما
بعد بالإعدام على الأمير وغيره، وتنوعت الأحكام على أتباعه ليسدل الستار
على أول حادث اغتيال لمسئول كبير سابق فى مصر.
من الدلنجات للمشنقة
قصة
مللنا من قراءتها وسماعها، ألا وهى اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات يوم
نصر أكتوبر والتى تمت بطريقة لم يتخيلها إنسان وسط ساحة العرض العسكرى فى
السادس من أكتوبر 1981.
وكان من وراء الاغتيال تنظيم ومن وراء التنظيم
عقل مفكر، وهذا العقل لم يكن إلا محمد عبدالسلام فرج ـ مهندس الكهرباء
الشاب النازح من الدلنجات محافظة البحيرة لكلية الهندسة جامعة القاهرة ـ
والذى انضم فى أوائل عام 1978 لتنظيم الجهاد فى الإسكندرية والذى ما لبث أن
سقط سريعاً فى أيدى الأمن، ولم يكشف فرج الذى ترك الإسكندرية ليتم تعيينه
كمهندس بجامعة القاهرة ولم تكد قدماه تطأ القاهرة حتى بدأ فى تكوين تنظيم
جديد يترأسه هو، وبدأ فى وضع دستور تنظيمه فى كتاب (الفريضة الغائبة) الذى
طبع منه (500) نسخة وزع منها نحو 60 نسخة وأحرق البقية خشية افتضاح أمره،
وبدأ فى تكوين العديد من الصداقات عن طريق تردده على المساجد وخصوصاً فى
إمبابة، حتى قاده حظه للتعرف على طارق الزمر وزوج شقيقته المقدم عبود الزمر
بالمخابرات الحربية اللذين كانا نواة تنظيم الجهاد، وتبعهما فيما بعد كرم
زهدى أمير الجماعة الإسلامية بالمنيا والهارب من القبض عليه بعد أحداث
الفتنة الطائفية بالمنيا، تبعهم نبيل المغربى أخصائى الثقافة الجماهيرية
الذى كان له كبير الأثر فى ضم العديد من تنظيم الجماعة الإسلامية.
وتم
تشكيل مجلس شورى للجماعة تنبثق منه ثلاث لجان هي: العدة، الاقتصاد،
الدعاية، ثم تقسيم المحافظات فى الصعيد على أساس أن يتولى كل محافظة أمير
أو أكثر يقومون على أمور التنظيم.
كل هذا كان يتم فى سرعه محمومة بما
فيها جمع المعلومات عن قادة الحرس الجمهورى والأمن المركزى ونائب الرئيس
(مبارك وقتها)، وكان الغرض هو قلب نظام الحكم وإعلان ذلك فى التليفزيون
والإذاعة وإعلان الجمهورية الإسلامية فى مصر. ولكن من الذى ينفذ وكيف؟
إلى
أن قادت المصادفة الملازم أول خالد الإسلامبولى لأحد مساجد بولاق الدكرور
حيث حلقة علم لمحمد عبدالسلام فرج، انتظره الإسلامبولى بعدها ليتجاذبا
أطراف الحديث ليكتشف فرج فى محدثه (المنفذ) الذى ينشدونه.
بدأ الضابط
الشاب فى عقد لقاءات منتظمة لترتيب خطة التخلص من الزعيم السادات، وكان
لزاما الدعم فبدأ توفير القنابل وإبر ضرب النار والطلقات الحية، إلا أن
الإسلامبولى طلب ضم عناصر بشرية، وكان أول العناصر عطا طايل حميدة رحيل
صديق عبدالسلام فرج ومن نفس البلدة دلنجات ــ بحيرة، ثم عبدالحميد
عبدالسلام شقيق الإسلامبولى فى الرضاعة وضابط القوات المسلحة سابقا والذى
خرج من الخدمة بناء على طلبه لأنه لا يريد أن يخدم فى صفوف (التتار)، ثم
انضم إليهم حسين عباس شقيق زوجة نبيل المغربى الرقيب المتطوع وبطل رماية
الجيش المصرى.
وقبيل الاغتيال بشهر نجح طارق الزمر فى ضم كوادر من
تنظيم جهاد سالم الرحال مثل كمال السعيد حبيب ومحمد طارق إبراهيم ونبيل
نعيم، وأخيرا الرائد عصام القمرى الهارب منذ ابريل 1981، بكل ما يملكونه من
أسلحة وذخيرة.
ومن المستغرب إن هؤلاء الشباب قد تمكنوا من الالتفاف
حول شخص مثل محمد عبدالسلام فرج ومعظمهم من الطبقة الوسطي، وتلقوا قدرا
كبيرا من التعليم العالي، ومنهم من ينتسب للمؤسسة العسكرية. وبمثل هذه
السرعة خططوا لعملية اغتيال رئيس مصر القوى أنور السادات فى محاولة لو تم
تحليلها لوصفت بالسذاجة والطفولية، وان كانت قد تمت لتخلف من ورائها بحورا
من الدم والبارود استمرت لحوالى العقدين راح ضحيتها أرواح من الطرفين، ولكن
كانت نهايتها عملية أكثر غموضا هى عملية الأقصر فى نوفمبر1997، والتى راح
ضحيتها العديد من السياح الأجانب وأطاحت بوزير الداخلية الأسبق حسن الألفى
من على كرسيه بأوامر من الرئيس السابق.
وقد أثبتت الأيام أن نتائج
المواجهات المسلحة ما بين الجماعات وقوى الأمن اشد إيلاما وخسارة من
المواجهات الفكرية، لذلك خرجت أصوات كثيرة تدعو لمعاملة المعتقلين كمصريين
وليسوا كأعداء للوطن، فمعظمهم شباب تم استخدام اندفاعهم وفتوتهم فى الاتجاه
الخاطئ، قبالة أجهزة أمنية تعامل البرىء كما لو كان مذنبا، حتى وقبل أن
يحاكم، مستعملة أسلوب القهر البدنى والمعنوى، وللأسف لم تتعلم الأجهزة
الأمنية من محنتى الإخوان المسلمين الأولى فى 1954 والثانية فى 1965، بأن
التعذيب والقهر يولدان أجيالا من التنظيمات المشوهة الفكر، والعقيدة، وإن
السجون والمعتقلات ما هى إلا مفرخة لتنظيمات ما تحت الأرض.
وما يدعو
للتفاؤل أن جماعة الإخوان قد تعلمت من الصدمات والمحن التى لاقتها ووعت
الدروس التى مرت بها منذ ثمانين عاما ونيف، حتى وصل أعضاؤها لسدة مجلسى
الشعب والشورى ما بعد ثوره يناير بشبه إجماع شعبى لتحقق الكثير من أهدافها
بعيدا عن. الدم، فهل يحذو الباقون حذو الإخوان؟


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://zozo.forumegypt.net
 
الإسلام السياسى فى مصر من المسجد إلى البرلمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
همس الروح :: الفئة الأولى :: مصر الجديده-
انتقل الى: